خلف البحر ، جهة الشمال الغربي

من طرف **Ahmad Fares** الأحد نوفمبر 27, 2011 11:37 am

لا
اعلم لماذا هي المرة الاولى التي أشعر بها بشئ يكاد يمزقني من الداخل الى
اشلاء كما هي اشلاء الطفل المبعثرة في ارجاء المكان!!!.. ولا اعلم لما كنت
مصرا للنظر إلى الخلف على الرغم من ان طبعي مهما كبر الجلل يدفعني دائما
لان انظر إلى الامام !!!...فهي ليست المرة الاولى التي أرى فيها مقتل طفل
او حتى شيخ او مهما يكن قساوة او بشاعة منظر المقتول، ففي غزة اصبح ذلك
روتينا يوميا في حياتنا تحت مقتضى ما تتطلبه ...مهنتنا
التي تتلخص في نقل الصورة والواقع للعالم !!!.. العالم الذي يغفو بعيدا عن
اركان غزة المحاصرة.. فجاءة ، جاءت سيارة مسرعة يقودها شخص بشكل جنوني
تعدى جنون بكاء الاب على ابنه ،فقطعت حبل الحديث مع نفسي .نزل منها شاب
طويل القامة ابيض البشرة وعلامات الغضب والحزن باديتان عليه وجهه وفي شبه
من والد الطفل،اخرج رشاشا وأطلق رصاصات في السماء هاتفا بصوت جهوري يشوبه
مسحة من الحزن : والله ما يروح دمك يا بهاء هدر...والله....
وفي لحظة
اقتراب شخصان للحدث رغم انهما قدما متأخران على حدث اصبح كالقوت اليومي في
غزة لفتا انتباهي بكلامهم اكثر من عم الطفل الصارخ على مايبدو أو خاله ،
بهمس احدهما للاخر : طفلهم الوحيد استشهد بدم بارد بعد انتظار دام لاكثر من
خمسة عشرة سنة لابن يحمل اسم ذاك الاب ، والله شي بيقهر يا رجل ،وين
الانسانية يا عالم.
صعقت لسماع ذلك واتشح وجهي بالسواد وبدأت يداي
ترتجفان حتى بدا ذلك في اهتزاز الكاميرا في يدي ،و راح قلبي يرتعش من خوف
مجهول ،كما عاد فكري ينظر للخلف،هنالك خلف البحر جهة الغرب الشمالي حيث
يقبع موطني ، حيث تغفو زوجتي على سريرينا الدافئ ، سريرنا الذي شهد مولد
مارك ابننا الذي انتظرناه بعد عشر سنوات من الأمل !!!.. ابننا الذي كلّفنا
عملية زرع للاجنة حتى يحمل اسم عائلتي .
تمتمت بصوت بكائي أخال ان فريق العمل الذي ارفقه قد سمعه : مارك، كيف انت الان يا أبتي ؟!!!...