ܓܓ انفعــــــالات قبل الوفـــــــاةܓܓ

من طرف **Ahmad Fares** الأحد نوفمبر 27, 2011 11:38 am

انفعالات قبل الوفاة

على صوت أنينه استيقظت مرتجفة , أشعلت شمعة لتنير بها ظلمة المكان , اقتربت منه ببطء شديد

و أخدت تجفف عرقه و تهمس في أذنه : بماذا تشعر الأن ؟ فتح عينيه بصعوبة بالغة و نظر إلها ثم بدء

يتمتم بكلام غير مفهوم ... نزلت دمعة تلوى الأخرى من عينيها فرفعت رأسها لسقف البيت ,

اعتقلها الصمت في حزن المكان و جلس العجز ضيفا ثقيلا على قلبها ,

وهي لا تملك مفرا غير الهروب عبر بوابة الماضي نحو اللحظات الجميلة التي عاشتها معه

تتذكر كيف كان يجعلها تبتسم و كيف كان يرسم السعادة على قلبها بكلماته و أحاسيسه ,

لكنه الأن يجلس أما عينيها يصراع المرض وحيدا , و هي لا تملك من الحلول شيء لتخفف عنه ,

ترى زوجها ببطء شديد يسافر نحو الموت , و كل يوم يمضي يجعلهما يقتربان من لحظة الفراق

تقاوم الحزن الذي يسكن قلبها و تفكر كيف ستكون الحياة من بعده ؟ كيف سيطيب لها المقام في البيت بدونه ؟

تنهمر دموعها بدون استإذان و يعصف الخوف بقلبها , فتقترب من زوجها المريض و تحظنه بشدة

و كأنها تقول له لا ترتكني وحيدة .. لا ترحل

تحس بأنفاسه و بيده تلامس وجهها بكل رقة وحنان , فترتسم ابتسامة خفيفة على محياها و هي تبكي بصوت مرتفع

تمسك يده و تقبلها و تقول : أحبك كثيرا أرجوك قاوم المرض من أجل ِ

أرجوك لا ترحل .. لا تستسلم .. لا تجعل الموت يأخدك مني

يشتد سعاله , و يتمتم من جديد بكلمات غير مفهومة

تحس بأنه يحاول إخبارها بشيء ما , فتقترب منه كثيرا و تسأله : ماذا تريد أن تخبرني ؟

يشير إلى قلبه و يستجمع قواه و يقول : أجبك

تتدفق سعادة عارمة على قلبها كما تتدفق مياه الأنهار في البحار و تشعر أنها فوق السحاب تحلق

تغمض عينيها و تترك صدى صوته يتكرر في أذنها مرات و مرات و كأنها أول مرة تسمع منه

تلك الكلمة ... شعور جميل جعلها تنسى كل اللحظات التعيسة

لكن و بعد هنيهة أحست بصمت غريب قد أطبق على المكان .. بدأت الأفكار تدور في رأسها

و الأسئلة تحاصرها من كل حدب و صوب .. هل فقدتُ حاسة السمع ؟ هل مات زوجي ؟

لماذا هذا الصمت القاتل يلون جدران البيت بعباءته السوداء ؟

فتحت أعينها بتردد كبير و نظرت لزوجها الممد على السرير , فاعتقلها الصمت لعدة دقائق و ظلت جامدة في مكانها

لا تتحرك أحست بأن الزمن قد توقف و أنها تسبح وحيدة في فلك الفراغ و العدم

استجمعت قواها و بدأت تتمت بكلمات غير مفهومة كما كان يفعل زوجها

لكن سرعان ما تحولت كلمتها لضحكات هستيرة مزقت صمت المكان , كان بينها و بين الجنون شعرة

و بصوتها المرتفع قالت : لماذا لم تقوام المرض ؟ لماذا استسلمت للموت ؟

نامت بجانبه و ألقت برأسها على صدره و أخدت تبكي و تحدثه عن أول لقاء بينهما و عن أحلمهما

حتى نال منها التعب و نامت للمرة الأخيرة بجانبه

همسة : في لحظات قد نفقد من نحب للأبد لكن الحياة تستمر